«البديل المخيف».. الإرهاب لم يعد الأسوأ حين يظهر هذا التهديد الجديد

«البديل المخيف».. الإرهاب لم يعد الأسوأ حين يظهر هذا التهديد الجديد
«البديل المخيف».. الإرهاب لم يعد الأسوأ حين يظهر هذا التهديد الجديد

في سياق التحولات السياسية الكبرى باليمن، تأتي تصريحات بعض المسؤولين لتخلق حالة من الجدل والتشويش حول مستقبل الجمهورية ومصيرها، عندما يصبح الإرهاب خيارًا أقل تهديدًا من النظام الحوثي، يكون السؤال: هل يمكن تبرير استمرارية جماعة انقلابية بهذا الشكل؟ تصريح نائب وزير الخارجية مصطفى النعمان يعكس حالة من الاستسلام، حيث أضحى الدفاع عن الجمهورية مشروطًا بالرعب من أشباح مستقبلية تتعلق بالإرهاب والتنظيمات المتطرفة.

تصريح النعمان: شرعية مأزومة ومعادلة خطرة

مصطفى النعمان صدم الجميع عندما قال إن “إضعاف الحوثي في غياب البديل سيمكن المنظمات الإرهابية من السيطرة على الحكم”، وهذا التصريح يحمل بين طياته هشاشة واضحة لموقف الشرعية، إذ بدلًا من البحث عن حلول خلاقة لإعادة بناء الدولة، يتم تقديم مبررات تقود نحو إبقاء الكارثة الراهنة كخيار مقبول، بل وضروري؛ تصريح كهذا لا يصدر إلا عن ذهنية مأزومة، تعجز عن تقديم رؤية بديلة تجاه الأزمة المعقدة في اليمن.

من المؤسف أن بعض الأصوات داخل الشرعية، بدلًا من محاولة إصلاح النواقص وبناء مؤسسات مستقلة وشفافة، ترى أن وجود الحوثي “أهون شرا” من سيناريوهات أخرى؛ هذا المنطق يساهم في ترسيخ القوة الانقلابية وإضعاف المصداقية الوطنية والدولية للشرعية، التي تبدو عاجزة أمام تحديات بناء البدائل السياسية على أرض الواقع؛ ويطرح هذا تساؤلا جوهريًا: لماذا صارت الخيارات محدودة بين الكهنوت الطائفي والإرهاب الدموي؟

البديل الحقيقي بين غياب الدولة وواقع المناطق المحررة

التصريحات التي تبرر استمرار وجود الحوثي تعد طريقًا سهلًا للهروب من المشكلة الحقيقية؛ المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الشرعية نفسها التي فشلت في تقديم نموذج ملهم أو حتى إدارة المناطق المحررة بكفاءة وعدالة؛ غياب المؤسسات وضعف المشاريع التنموية يجعل من الصعب إقناع الشعب بالتخلي عن أحلامه في دولة جمهورية مستقلة، ما يفتح المجال لتبريرات المسؤولين مثلما فعل النعمان عبر تصوير الإرهاب كفزاعة تخيف الشارع اليمني.

كل هذه التحديات تتطلب رؤية سياسية شاملة مبنية على الحلول الفعلية لا استغلال الخوف؛ المطلوب الآن ليس مجرد انتقاد التشبيهات بين الحوثي والتنظيمات الأخرى، وإنما التركيز على تقديم نموذج يُحتذى به في إعادة إحياء الشرعية بعيدًا عن المشاريع المناهضة لقيم الجمهورية.

خطورة الشرعية المهزوزة وأهمية استعادة المشروع الوطني

الأفكار التي أطلقها النعمان تسلط الضوء على الأخطار الكامنة عندما تتحول الشرعية من مشروع سيادي يدافع عن قيم الجمهورية إلى مجرد أداة مستسلمة للخوف، ربما عن غير قصد يدفع هذا النوع من الخطابات نحو تعزيز النفوذ الحوثي محليًا ودوليًا؛ حيث يتم تصويرهم كمشروع “خيار أقل سوءًا” بالمقارنة مع الإرهاب؛ في الوقت الذي تتزايد فيه معاناة الشعب اليمني يومًا بعد يوم تحت وطأة هذا الحكم الانقلابي.

ما تحتاجه اليمن اليوم ليس مزيدًا من التصريحات المحبِطة، بل وقفة جادة من القيادة السياسية لتحمل مسؤوليتها أمام الشعب، والبدء في مشروع بناء شامل يعيد الاعتبار للجمهورية كمظلة وطنية تحفظ الجميع وتنتشل اليمن من مستنقع الصراع؛ بهذا يمكن تفادي السقوط في فخ الأوهام التي يروج لها بعض المسؤولين، والعودة إلى المسار الصحيح نحو دولة مستقرة ومزدهرة.