كيف تعيد وسائل التواصل الاجتماعي تشكيل السياسة في اليابان وهل يعد ذلك تحسنًا أم تراجعًا؟

مع تطور التكنولوجيا الرقمية، تبرز وسائل التواصل الاجتماعي كقوة مؤثرة في تشكيل السياسة والسيطرة على مستقبل الديمقراطية في اليابان، فقد أصبحت هذه الوسائل منبراً مفتوحاً للتواصل بين السياسيين والمواطنين على حد سواء، مما أفسح المجال للتفاعل المباشر وتبادل الأفكار بين مختلف الأطياف السياسية. بالرغم من ذلك، تثير هذه الظاهرة الجديدة العديد من التساؤلات حول تأثيرها على المؤسسات التقليدية وكيفية التكيف مع هذا الواقع الجديد.

المشاركة السياسية في اليابان وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي

يشكل الإنترنت اليوم مصدراً أساسياً للمعلومات السياسية في حياة الناخبين في اليابان، بعد تفوقه على وسائل الإعلام التقليدية كالتلفزيون والصحف، فقد أظهر البحث الذي أجرته جمعية تعزيز الانتخابات العادلة أن وسائل التواصل الاجتماعي قد أوجدت فرصاً جديدة للتفاعل السياسي، خاصة لمن يشعرون بالبعد عن السياسة التقليدية، فقد ساعدت هذه المنصات في تقوية التواصل بين المستخدمين الذين يتشاركون نفس المواقف السياسية، ومع ذلك، تواجه هذه المنصات العديد من التحديات، حيث تمثل خوارزميات التخصيص عائقاً أمام التنوع في الطرح السياسي، ومع تركيز المستخدمين في “فقاعات التصفية”، تمثل وسائل التواصل الاجتماعي سيفاً ذا حدين للديمقراطية.

الحملات الانتخابية في اليابان تظهر تغيراً واضحاً، فقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ميداناً لا غنى عنه للمرشحين الجدد الذين يفتقرون إلى الدعم التقليدي الكبير، إذ مكنت هذه الوسائل المُرشحين من الوصول المباشر للجماهير بدون وسيط، مما أعطاها صفة السياق العفوي والقريب من الناخبين، ويتضح ذلك في ما يُعرف بـ “أوشي كاتسو”، حيث تتجلى التعبئة العاطفية والدعم الجماهيري الذي يتجاوز الولاء الحزبي، إلا أن هذا النهج يرتبط أيضاً ببروز شخصيات ذات كاريزما قوية، في حين ينخفض التركيز على البرامج السياسية والأحزاب.

• بث خطابات مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
• مشاركة أحداث الحملة في الوقت الفعلي.
• استقطاب الدعم الشعبي عبر الإنترنت.

​​التحولات طويلة الأمد في سلوك الناخبين في اليابان

تتجلى الفروقات في تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على السياسة عن طريق النظر إلى القطاعات المختلفة، ففي المناطق الحضرية التي ينتشر فيها استخدام الإنترنت بين الشباب، تسود الحملات الرقمية وتظهر فعاليتها، في حين تمثل المناطق الريفية صورة مختلفة، إذ يكون التأثير فيها محدوداً نظراً للطابع المحافظ واستخدام أقل للشبكات الاجتماعية، كما أن الناخبين الأكبر سناً غالباً ما يعتمدون على الوسائل التقليدية للحصول على المعلومات السياسية.

إلى جانب التحولات المؤقتة الناجمة عن الأزمات مثل ارتفاع الأسعار والتوترات الجيوسياسية، تشهد اليابان تغيرات أعمق على المدى الطويل فيما يتعلق بأنماط استهلاك المعلومات بين الأجيال، إذ يُفضل الناخبون في منتصف العمر متابعة التلفزيون في حين يميل الشباب إلى استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وبتغير الأدوات والمصادر، يتوقع أن يتزايد تأثير الإنترنت مع مرور الوقت.