إقصاء النخب في الأردن يعطل مستقبل العقول والابتكار

إقصاء النخب في الأردن يعطل مستقبل العقول والابتكار
إقصاء النخب في الأردن يعطل مستقبل العقول والابتكار

يمر الأردن بفترة حرجة تتقاطع فيها التحديات الاقتصادية والاجتماعية مع أزمة تهميش النخب وإقصائها، تأثيرات هذه الأزمة تتجلى في تعثر الإصلاحات الحقيقية وازدياد الفجوة بين مؤسسات الدولة والمجتمع كما أن غياب النخب السياسية والفكرية ذات الرؤية الوطنية يعمق هذا الانقسام، فمع التغييرات المتراكمة، بات مكان هذه النخب يُشغل بنخب بديلة لا تتمتع بالضرورة بالكفاءة الفكرية أو القدرة السياسية لكنها فقط تبدي الولاء للنظام الحالي وتبقى في الظل بدون أن تقدم إسهامات تُذكر في تحسين الوضع العام.

تهميش النخب في الأردن وتأثيره على الساحة السياسية

النخب الأردنية التي تمتلك رؤية نقدية وقدرة على قيادة التحولات الاجتماعية والسياسية، وجدت نفسها تُستبعد بشكل ممنهج من مواقع اتخاذ القرار من خلال سياسات مقصودة، حيث أن العديد من هذه النخب التي كانت قادرة على تشكيل الوعي السياسي والاجتماعي أصبحت مغيبة عن الأدوار الحيوية، الكثير ممن كانوا يتولون أدوارًا تنظيمية قديمة أُجبروا على الانسحاب من المشهد السياسي، وهذا الوضع لا يقتصر على الأفراد، بل يشمل إقصاء للعقل الجمعي من التأثير في الأحداث، ما يُحدث ركوداً في الرؤية والتخطيط للمستقبل.

عوامل تهميش النخب الأردنية

يتجلى هذا التهميش في عدة عوامل منها:

  • النظام الانتخابي الذي لا يسمح للتيارات الوطنية بالتعبير أو الوصول بفاعلية إلى البرلمان
  • تغييب النخب عن الإعلام وتقديم بدائل تفتقد للكفاءة الفكرية أو السياسية
  • تحول الساحة البرلمانية إلى بيئة للمصالح الفردية بدلاً من النقاش السياسي الحر

هذه البيئة المعيقة تساهم في إبعاد النخب عن مواقع التأثير، مما يتسبب في شلل سياسي وتجمد في الحلول، الأمر الذي يدفع المجتمع لفقدان الثقة في النظام السياسي بكامله، حيث يصبح المواطن منفصلًا عن عملية صنع القرار ولا يثق في جدوى المشاركة، تصمم القوانين والسياسات الإدارية بطريقة لا تتيح للنخب الحقيقية التعبير عن آرائها أو تقديم مقترحاتها بشكل حر وفعال.

تأثير تهميش النخب على المؤسسات والدولة

إن الدولة الأردنية، كغيرها من الدول الحديثة، تحتاج إلى نخبة قادرة على التفكير الاستراتيجي وتبني رؤية مستقبلية، تهميش النخب لا يعني فقط إبعاد الأفراد، بل يعطل أيضًا العقل الجمعي ويقضي على أي فرصة للتجديد والإبداع في المؤسسات، لا يمكننا بناء دولة قائمة على القانون والاحترام المؤسسي دون إشراك هذه النخب في مواقع القيادة وصنع القرار.

إعادة الاعتبار للنخب ودورها في التغيير

إن الاعتراف بقيمة النخب الوطنية ومنحها المكانة اللازمة، سيعيد للدولة قوتها الفكرية ويحرك عجلة الإصلاح، يجب أن يكون الطريق للتغيير ممهدا بإتاحة الفرصة للنخب القادرة على التفكير الإبداعي والاستراتيجيات الفعالة، فلا يمكن أن يتحقق ذلك من دون مضمون مؤسسي وسياسي يعيد لهذه النخب دورها الطبيعي في صنع المستقبل، الطريق يبدأ من الاعتراف بقدرة العقول والكفاءات على التغيير، بدلًا من المجاملات والشعارات التي لا تجدي نفعًا.